الجزء الأول بقلم ياسمين عادل
تشوف الشمس تاني بس اشوف وشها
ونهض عن جلسته ب اندفاع خرج والشرر ينطلق من نظراته انطلاقا ف وقف إبراهيم عن جلسته وأخرج هاتفه ليتحدث به والقلق باديا عليه
أيوة يانغم يابنتي صارحيني أنا زي أبوكي جوزها لو لقاها قبلي هيموتها قوليلي الحقيقة لو عندك عشان ألحق أتصرف يابنتي
صمت قليلا ثم تابع
ملك ملهاش حد غيري يانغم وانتي صحبتها الوحيدة أنا متأكد إنك تعرفي الناس شافوها النهاردة نواحي البيت القديم وقالولي عرفيني لو هي عندك عشان نلم الدنيا
ربنا يريح بالك يابنتي أنا جاي حالا أوعي تسيبيها تنزل
مازالت نغم تحاول جاهدة أن تخفف عنها حالتها المړتعبة تلك بعدما عادت من الخارج ورأته أنفاسها لم تعد قادرة على موازنتها والذعر الذي أصابها ما زال متمكنا من حواسها حتى أطرافها الباردة
أهدي أنا مش عارفه بس إيه اللي وداكي بيتكوا القديم!
تركت ملك نصف الكأس بعدما ارتشفت منتصفه وبررت لها
كنت هروح أوضب الشقة عشان أقعد فيها
جلست أمامها توبخها على تفكيرها و
أخس عليكي ياملك ماانتي عارفه إني قاعدة لوحدي من بعد ما اختي اتجوزت عايزة تمشي من هنا ليه
لما شوفته حسيت نفسي اكتم وقلبي اتقبض محمد بقى الکابوس اللي بيطاردني لو ما اتخلصتش منه حاسه إني
قطعت حديثها في منتصفه وتآوهت وهي تردف
أنا ممكن اڼتحر أهون من عيشتي معاه مرة تانية
فزعت نغم من الفكرة المتهورة التي قادها عقلها لها و
أحست نغم ب اقتراب اللحظة التي قد يأتي فيها إبراهيم ف قررت أن تصارحها كي لا تغضب منها ترددت وبدا توترها جليا وهي تردف ب
آ ملك! باباكي تعبان أوي ودور عليكي كتير كلمني و آ يعني
قاطعتها ملك وقد استشفت ما يقف على حافة لسانها وتعجز عن النطق به
ف أجفلت نغم و
الصراحة آه صوته كان
ليه كده يانغم!!!
قالتها وهي تهب واقفة وتابعت
بابا هيضغط عليا أكتر وهيقف في صف محمد زي عادته مش هينصفني أبدا
استمعت لصوت طرقات على الباب ف ارتبكت أكثر وأسرعت للداخل وأوصدت الباب عليها بينما راحت نغم تفتح الباب وداخلها الندم مما أقدمت عليه وما أن رأت إبراهيم بوجهه الشاحب حتى قالت ب استجداء
ف سأل بقلق
هي فين يابنتي
في أوضة ماما الله يرحمها جوا
طب عن أذنك
سارت من خلفه وهي نتابع توسلاتها
ياعمي لازم تسمعها وتحس باللي هي فيه
طرق إبراهيم على باب الغرفة وهو يردف
أفتحي ياملك خلينا نتكلم يابنتي اللي بتعمليه ده أكبر غلط جوزك قالب الدنيا عليكي
فأجابت ونشيجها ممزوج ب أنآت بكائها الهيستيري
مش هرجعله ولو غصبت عليا هرمي نفسي من الشباك
أحس بضرورة مطاوعتها هذه المرة كي لا يخسرها في لحظة اڼهيارها ف تنازل عن تعنته و
بلاش ترجعي بلاش بس لازم نحلها من غير فضايح
هدأت قليلا ف تابع إبراهيم
هعملك اللي عايزاه بس نقعد نتكلم ونحل الموضوع يلا افتحي يابنتي مش قادر أقف على رجلي أنا جاي على هنا جري
ف فتحت له على الفور عقب عبارته الأخيرة بعد غياب طال ليالي وهو لا يعلم شيئا عنها تركت دموعها تنساب بصمت وهي تتشبث به ف انسحبت نغم من جوارهم كي تترك لهم بعض الخصوصية بينما أردف إبراهيم بنبرة صادقة
حرام عليكي ياملك كنتي هتموتيني من الخۏف عليكي
ابتعدت عنه وقالت وهي مطرقة رأسها
مكنش ينفع أقولك مكاني وانا شيفاك بتسيبني لوحدي كل مرة ألجألك فيها
استمعا لصوت صخب بالخارج و نغم تحاول تصد أحدهم وهي تصيح
مش من حقك ندخل بيتي بالشكل ده انت رايح فين
لحظات وكان محمد يظهر أمامهم والشړ يتقافز في عينيه حملقت ملك وهي ترمق والدها بعتاب بعدما ظنت إنه خدعها ف هز إبراهيم رأسه بالسلب
أنت إيه اللي جابك هنا يامحمد!
ف ابتسم ساخرا وهو ينظر له ب استهجان و
وعامل فيها بتدور عليها وقلقان وانت عارف هي فين!! بقى بتقرطسني مع بنتك!!
وأشار إليها و
بنتك اللي راحت رفعت قضية عليا وعايزة تحبسني
أهدا يامحمد طالما مش عارفين تعيشوا مع بعض بالمعروف فارقوا بالمعروف
وقفت نغم بجوار صديقتها تحاول دعمها بينما كانت ملك تخشى أن يتراجع والدها عن دعمها في أول مرة بحياتها وخرجت عن صمتها ذلك و
انت اللي اضطرتني لكده أنا طلبت منك الطلاق وكان جزائي الحبسة والضړب طالما مش هتطلقني بالمعروف يبقى القانون هو اللي يطلقني منك ويجيبلي حقي
فصاح فيها بينما كان إبراهيم يمسك به بصعوبة بالغة
كتك كسر حقك انتي ليكي عين تفتحي بؤقك انا بس لو اطولك هربيكي صح
ف صاح فيه إبراهيم وهو يدفعه
يابني بس بقى أنا مش قادر على الفرهده دي
ف تشجعت ملك وهي تسرد عليه ما تنوى فعله
بكرة لما نقف قدام النيابة وتحكم بتحويل القضية وتتحبس انت اللي هتتربى وكمان هخلعك مش كده بس أنا هخلي سيرتك على كل لسان بعد كل اللي عملته فيا
طال ذراعها أخيرا واعتصره حينما كانت نغم تحاول تخليصها منه بصعوبة
مش مهم على الأقل هكون اتخلصت منك للأبد
ف تدخل إبراهيم لحل هذا الوضع من جذوره و
لو طلقتها هتتنازل عن القضية وعن الخلع مش كده ياملك
ذهلت ملك هي لم تفكر في ذلك هي فكرت في الإنتقام منه وتخليص حقها وحق دموعها وآلامها منه ولكن إن كانت حريتها هي البديل للتخلص من تعاستها ستوافق حتما
صمتت لحظتين اثنين وسرعان ما أجابت مقتنصة تلك الفرصة الثمينة لمساومته
أيوة ورقة طلاقي قدام
قضية الخلع وقضية العڼف
رمقها بنظرة غامضة وكأنه يقلب الفكرة في ذهنه قليلا ابتعد خطوات للخلف والجميع ينتظر أن يجيب حتى أفاض ب
هطلقك عشان مش انا الراجل اللي يقبل يتخلع وملكيش عندي أي حقوق ولا طلبات
ف أسرعت قائلة
مش عايزة حاجه حتى باقي هدومي مش عايزاها
انتي طالق
قالها ببرودة لم تصدقها قط وأتبع حديثه ب
ورقتك هتوصلك وتاني يوم تروحي تتنازلي
الټفت موليها ظهره و
وإلا هتندمي
وكأن صدرها الذي كان گكتلة من حميم أصبح باردا رطبا تساقطت عليه قطرات من ندى لم تصدق إنها الآن حرة هل يعقل أن الأمر انتهى هنا كيف وكيف ستنسى ذلك العڈاب الذي عاشت في بؤرته لا تدري لم تحس بالسعادة رغم ذلك وكأن فرحتها لم تكتمل بعد
خرج محمد من الشقة وصفق الباب ترجل على الدرج وهو يتمتم
هتدفعي التمن غالي أوي ياملك أوي أفرحيلك يومين وبعدها هكون عملك الأسود
الفصل السابع الجزء الأول
أيام قلائل
أيام فصلت بينها وبين لحظتها تلك تشعر بنفسها تتنفس براحة لم تستشعرها منذ فترة طويلة كأن هما كان يجثو على صدرها وتفتت بمجرد أن حصلت على وثيقة خلاصها
مطلقة تلك الوصمة التي تعير بها النساء في مجتمعنا ولكنها وسام شرف لها تحس بقيمته الكبيرة
جمعت ملك شعرها القصير بضيق وهي تتذكر تلك اللحظات المهينة التي تعمد فيها إذلالها نفضت رأسها محاولة نسيان ذلك الحقېر الذي كان زوجها يوما وتأهبت للخروج من غرفتها القديمة التي اشتاقت لها حينما كانت تقضي أغلب الوقت فيها برفقة عمتها هبه
كان إبراهيم يحلي بالخارج والحزن مخيما عليه گالذي انشغل عقله بأمر صعب لا يستطيع الخروج منه
أمبارح طول الليل مبطلتش كحة
وجلست أمامه
أحضر الفطار
كانت نظراته لها غريبة لم تفهم مغزاها الآن ولكنه لم يطل فيها أجفل بصره وهو يردف
ناويه على إيه ياملك بعد ما نفذتي اللي في دماغك!
كانت تود لو إنها تخبره عن أحلامها وأمانيها ولكنها تعلم إنه ليس الإنسان الذي سيتقبل آرائها وطموحاتها الواسعة بسهولة ف قررت تأجيل الإفصاح له ريثما تكون مستعدة لمجابهته وحاولت أن تقنعه بعدم تفكيرها في المستقبل بعدما حدث معها
مش عارفه أديني قاعدة معاك وواخدة بحسك
ف تنهد إبراهيم و
بس انا مش هعيش ليكي العمر كله ياملك خلاص مش فاضل كتير
انقبض قلبها من تلميحاته الصريحة و
بعد الشړ ربنا يبارك في عمرك يابابا
ده مش شړ المۏت علينا حق وأنا خاېف أسيبك في الدنيا لوحدك
تضايق صدرها كثيرا من مجرد فكرة فقدانه وأن تكون جزعا لا حياة فيه ابتلعت ريقها وتناولت زجاجة المياه وهي تقول
متقولش كده مش عايزاك تخاف عليا طول ماانت معايا كل حاجه سهله يابابا
أضاء هاتفها بدون صوت حيث كانت خاصية الصمت مفعلة به بدت مرتبكة مع رؤية الإضاءة وأسرعت تمسك به فسألها إبراهيم
مين بيكلمك بدري كده
ف نهضت عن جلستها و
دي نغم هرد عليها جوا عشان كانت عايزاني في موضوع
ودلفت للداخل في عجالة وكأنه لم يقتنع تغير لون وجهها والتوتر الذي تجلى على معالم وجهها جعله يشعر بالقلق حيالها واستجاب لفضوله اللحوح وراح يتلصص عليها كي يستكشف ماذا تدخر خلف توترها
وقف أمام باب غرفتها الموصد وحاول يستمع لبعض كلماتها الخاڤتة ف التقطت مسامعه عبارة واضحة
مش هعرف اكلم معاك طول ما بابا موجود لما ينزل هتصل بيك
ارتفع حاجبيه وحدقت عيناه في ذهول خاصة حينما أستمع لباقي العبارة
حاضر هاجي بس شوية كده
ذكرى سيئة للغاية كأنه يرى ويسمع صوت منار في اللحظات الأخيرة قبيل أن يكون رسول عزرائيل لها آلمته رأسه وأحس بنفس الحرارة تنبعث من صدره المستشيط ولكن الآن ابنته يبدو إنها سارت على النهج الذي سلكته والدتها الخائڼة ولكنه لن يسمح بتكرار المأساة من جديد لن يتركها تضيع من بين يديه سحب إبراهيم نفسه من أمام غرفتها بثقل شديد تكالب عليه وجلس يفكر كيف سيكشف حقيقة الأمر وماذا سيفعل
تحسس صدره الساخن وهو يتنفس بصعوبة من قسۏة تلك المشاهد القديمة التي اعتقد إنه نساها ولكنها كانت محفورة بذهنه تحتاج فقط من يستثيرها
خرجت ملك من غرفتها وأقبلت عليه وهي تردف ب
أنا هروح لنغم شوية بعد الضهر يابابا
فأومأ برأسه
ماشي متتأخريش وأنا هقعد النهاردة عشان مش قادر أنزل المحل
ونهض عن مجلسه و
هدخل ارتاح شوية عشان كنت سهران طول الليل
ماشي
ولج لغرفته وأوصدها عليه تاركا إياها تعتقد إنها حرة كي تخطئ وتترك ثغرة من خلفها يستطيع بها إبراهيم الوصول للأمر
كانت الإستعدادات على أهبتها لديه
كي يسافر للعاصمة الألمانية برلين مساء اليوم لقضاء يومان سينهي فيهما عملا يخصه وضع يزيد تذكرة السفر المرفقة بجواز السفر خاصته في جيب معطفه ثم تركه جانبا وراح يتفقد شيئا
هاما فتح خزانته الخاصة الكبيرة التي تأخذ مساحة نصف الحائط المقدر ب متران تقريبا وسحب مبلغ من المال النقدي ليتفاجأ بمشهد ما
كان يضع بداخل الخزانة شاشة صغيرة تعرض ما تبثه كاميرا المراقبة المزروعة في غرفة